عبد الجبار عبد الله

ولادته:-
ولد في قلعة صالح ولاية العمارة في 14 تشرين الثاني عام 1913 ترعرع في مدينة ريفية للطائفة الصابئية (المندائية) في جنوب العراق ليصبح عالم فيزياء متميز على الصعيد العالمي

ولعب دور اساسي في وضع اسس التعليم العالي في العراق الحديث. ابحاثه في مجال الانواء الجوية وقيادته لعملية تأسيس جامعة بغداد جعلته من الشخصيات العراقية المرموقة.

دراسته:-
تخرج من الدرسة الابتدائية في قلعة صالح افتتحت هذه المدرسة عام 1917 على ايدي السلطات البريطانية في لواء العمارة في عامها الاول قبل 45 تلميذاً من المندائيين واليهود و45 طالباً من المسلمين.
ثم التحق بالثانوية المركزية في بغداد وتعد ه1ه الثانوية من اقدم وارقى المدارس في العراق. امر بأنشائها الوالي الشهير متحد باشا عام (1869-1972) وتم افتتاحها في عهد الوالي عبد الرحمن باشا (1879-1881).
بفضل درجاته المتفوقة حصل على منحة دراسية الى الجامعة الامريكية في بيروت. استلم شهادة البكلوريوس (امتياز) في الفيزياء والرياضيات من الجامعة الامريكية في بيروت وهي واحدة من اشهر الجامعات في الشرق الاوسط
وكانت قبل الحرب الاهلية اللبنانية (1975-1991) واحدة من افضل الجامعات في العالم. تم تأسيسها في عام 1866 وتضم بين خريجيها عدد من الشخصيات الرائدة في العالم العربي
ومن بين زملاء الدكتور عبد الجبار عبد الله واصدقائه العددي من طلبة هذه الجامعة الذين لعبو دوراً هاماً في تطوير العلم والتعليم في بلدانهم.
حصل الدكتور على شهادة الدكتوراه بالعلوم بدلاً من شهادة الدكتوراه في فلسفة العلوم المعتادة وشهادة الدكتوراه بالعلوم شهادة نادرة تمنحها قلة قليلة من الجامعات تعبيرا عن انجازات الطالب المتميز.
وقد اكمل دراسته في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا الشهير في بوستن حيث حصل على جائزة بسبب تفوقه في مجال فيزياء الانواء الجوية وهي عبارة عن ساعة ذهبية.
وقد اشرف على دراسته برنارد هوروتز استاذ الانواء الجوية.

عمله:-
بعد فتره وجيزة من اعلان الاستقلال في عام 1932 شرعت المملكة العراقية على توسيع وتحسين التعليم الثانوي وقد لعب الدكتور عبد الجبار عبد الله دوراً في هذا التطور من خلال تدريس الرياضيات والفيزياء في عدد من المدارس في بغداد وميسان.
اختص في مجال علوم الانواء الجوية بعد ان عمل معاون مدير الانواء الجوية في مطار البصرة (1937-1941) الذي اسسه البريطانيون في العشرينيات وسرعان ما اصبح مركزاً هاما على الطريق
بين اوروبا والهند والشرق الاقصى.
وعمل ايضاً كمدرس في دار المعلمين الابتدائية القسم العالي وعدد من المدارس الاعدادية في بغداد (1941-1944) وتأسست عذع المدرسة عام 1891 في نهاية الحكم العثماني وقد شغل الكثير من خريجيها
مراكز هامة في البلاد خلال الحكم الملكي واوائب الجمهورية.
وعمل ايضا اول سكرتير تحرير لمجلة الرابطة مثلث هذه المجلة لسان جمعية الرابطة الثقافية التي تشكلت في عام 1943. وكان ابرز اهداف الرابطة بث الثقافة العامة والروح الوطنية والديمقراطية والفكر العلمي.
وسرعان ما اجتذبت هذه الرابطة عدداً من السياسيين و المثقفين من الذين لعبو دوراً مهما في تطوير العراق الحديث.
عمل ايضاً استاذا في الفيزياء في معهد ماساتشوستتس للتكنولوجيا (1948-1949) بعد حصوله على شهادة الدكتوراه ونجز خلال هذه الفنرة بحثين من اهم بحوثه حول (حركة الامواج- نشؤ الاعاصير) وعلى الرغم من انجازاته العلمية
والاكاديمية سرعان ما عاد الى العراق للمشاركة في تنمية البلاد.

تم تعينه رئيسا لقسم الفيزياء (1959-1958) في دار المعلمين العالية والتي انشأت في عام 1923 والذي اشرف على ادارتها المفكر القومي العربي ساطع الحصري ومن بين الشخصيات التي كانت مرتبطة بها الشعراء بدر شاكر السياب ونازك الملائكة وفي عام 1958 تم دمج دار المعلمين العالية بجامعة بغداد وغيرت اسمها الى كلية التربية.
وفي فترة اجازة الدكتور عبد الجبار عبد الله من دار المعلمين العالية (1952-1955) التحق بجامعة نيويورك حيث انجز عدداً من بحوثه اهمها( في ديناميكية الاعاصير) وهي دراسة من جزئين.
بعد عودته الى العراق 1957 اصبح عضواً في مجلس تأسيس جامعة بغداد وقد تأسس المجلس بهدف رفع المستوى العلمي لكافة الكليات والمعاهد ثم ضمها في جامعة واحدة وكان المجلس تحت رئاسة الدكتور متي عقراوي.

عمل ريس لتحرير مجلة المجمع العلمي العراقي (1957-1962) بعد تشكيل المجمع العلمي عام 1956 وكانت مجلة المجمع العلمي تنشر البحوث في مجالات الرياضيات والفيزياء والفيزياء الجيولوجية والهندسة والكيمياء وعلم الاحياء ولتسهل التفاعل الدولي كتبت جميع المقالات باللغة الانجليزية والفرنسية والالمانية مع ملخص باللغة العربية.
بعد قيام ثورة 14 تموز عام 1958 جلبت الثورة تغيرات عديدة في العراق فبالنسبة لجامعة بغداد تم اصدار قانون في ايلول من نفس العام حل بموجبه المجلس التأسيسي المؤقت واستبدل بمجلس الجامعة الدائم وعين الدكتور عبد الجبار عبد الله امين عام ورئيس الجامعة بالوكالة. وفي عام 1959 اتخذت اجرائات جديدة لتطوير الجامعة وتم تعيين الدكتور رئيسا لها وشهدت الجامعة خلال سنوات رئاسته (1959-1963) نواً سريعا من حيث عدد ونوعية البرامج الدراسية ومن حيث عدد الطلبة وتطورت ايضاً سمعة الجامعة فاصبحت واحدة من ارقى جامعات الشرق الاوسط.

وبعد انقلاب 8 شباط عام 1963 جلب الانقلاب الفاشي موجة من الارهاب والقمع الشديدين على جميع القوى الديمقراطية في العراق واعتقل الدكتور عبد الجبار عبد الله يوم 9 شباط وتم استجوابه حول انتمائاته السياسية وخرج من المعتقل يوم 8 تشرين الاول من العام نفسه وتم احالته على التقاعد رغم عدم توجيه اي تهمة رسمية له. وقد ساء وضع جامعة بغداد بعد الانقلاب بسبب الاعدامات والسجن والفصل لعدد من الاساتذة والطلاب فضلا عن فقدان الحريات الت كانت سمة مميزة في فترة رئاسة الدكتور عبد الجبار عبد الله لها.
عمل كباحث في مركز البحوث الوطني للانواءالجوية (1965-1966) وذلك بفضل ضغوط دولية استطاع من خلالها الدكتور مغادرة البلاد الى الولايات المتحدة الامريكية حيث تم تعينه كباحث زائر في بولدر كولورادو وهناك انتج عدداً من الدراسات الهامة بالاضافة الى كتاب ( مع جيمس اوبراين) حول موجات ذات السعة المحدودة.
في عام 1966 انتقل الدكتور الى جامعة ولاية نيويورك في الباني حيث عين استاذاً في قسم علوم الانواء الجوية وفي العام التالي حصل على منحة لاجراء سلسلة من الدراسات حول امكانية الانسان في السيطرة او تغيير الطقس وبالرغم من انجازه دراسة حول الطبقات الغيمية الا انه سرعان ما قل انتاجه بسبب المرض.

زواجه وحياته:-
تزوج الدكتور من السيدة قسمت عنيسي الفياض وكان والدها يمتهن الصياغة وقد عينه الملك غازي(1933-1939) بصائغ العائلة المالكة الرسمي ومنحه لقب ورتبة شيخ.
وعملت السيدة قسمت في مجال التعليم الابتدائي وانجب الزوجان اربعة اطفال هم ( سناء-سنان-هيثم-ثابت).
توفي الدكتور عبد الجبار عبد الله في 9 تموز 1969 في مستشفى المركز الطبي في الباني نيويورك بسس مرض السرطان (هوجكنز ليمفوما) عن عمر ناهز 56 عاماً.
انجازاته العلمية في مجال الفيزياء والانواء الجوية بالاضافة الى دوره الرئيسي في تأسيس جامعة بغداد ووضعه اسس التعليم العالي في العراق الحديث كسبه اعجاب واحترام جميع العراقيين على اختلاف اطيافهم.
عاش حياته دون ان يحمل اي جنسية سوى جنسيته العراقية وتم دفنه حسب رغبته في موطنه في المقبرة المندائية قرب بغداد.