الدكتور كامل جاسم المراياتي
الاستاذ الدكتور كامل جاسم المراياتي أستاذ ورئيس قسم الانثروبولوجيا في الجامعة المستنصرية في بغداد سابقا ورئيس قسم الدراسات الاجتماعية في مؤسسة بيت الحكمة حاليا قد توفي في يوم 5-9 الجاري 2014 بعد معاناة طويلة مع المرض .. وللاستاذ الدكتور المراياتي نشاط علمي ثر فلديه كتب ودراسات وبحوث عديدة كما انه حضر ندوات ومؤتمرات علمية داخل العراق وخارجه . عمل لفترة في في قسم الاجتماع في كلية الاداب بالزاوية -ليبيا . كان الدكتور المراياتي قبيل وفاته مهتما بدراسة الظواهر الاجتماعية في العراق بعد الاحتلال الاميركي البغيض سنة 2003 وقد سبق له أن القى محاضرات في هذا الصدد منها محاضرته في اتحاد الادباء والكتاب بالنجف الاشرف.
من كتبه:
* “الامن الاجتماعي ” الذي اصدره بيت الحكمة والكتاب الفه بالاشتراك مع الدكتور خالد الجابري والدكتور يونس التكريتي سنة 1997
*التصنيع والنمو السكاني والعمراني في ناحية الاسكندرية -دراسة ميدانية وهي رسالته للماجستير التي قدمها الى محلس كلية الاداب -جامعة بغداد سنة 1976
*مفهوم الامة الاجتماعي في الفكر السسيولوجي اصدره بيت الحكمة ببغداد سنة 1999
ومن مقالاته المنشورة :
*” في الفكر السسيولوجي ” ، منشور في مجلة ” الحكمة ” السنة 1 1998
* ” مفهوم المستشرق في منظور علم الاجتماع” ، منشور في مجلة “دراسات اجتماعية ” يصدرها بيت الحكمة السنة 2 العدد 1 1999 .
وقف طويلا عند اسباب التغير الاجتماعي في العراق وقال : إن “موضوعة تأثيرات الحرب على بنية المجتمع العراقي أو أي مجتمع، تسبب أذى كبيرا وتؤدي إلى نقصان الوظائف الاجتماعية لشرائح المجتمع، وأن المجتمع العراقي تعرض إلى تغييرات اجتماعية سريعة غير منتظمة وليست تغييرات بطيئة، وهذا مما سبب في الخروج عن السياق المنطقي، فالتغيير الاجتماعي لا بد منه. وأضاف “التغيير الاجتماعي له نوعان هما: الذي يحدث خطوة خطوة تحت مؤثرات اجتماعية كبيرة تسبب إرباكا إذا كانت غير متوقعة وغير مخطط لها، من الطبيعي بالنسبة للمجتمع العراقي وكل البنى الاقتصادية والسياسية بل وحتى الدينية التي تعرضت إلى إرباك واختلال كبير في أداء وظائفها ولم تعد قادرة على مواكبة الظروف خلال الحرب أو بعدها ويبقى موضوع السلوك غير المحسوب له مبرراته. ونحن في علم الاجتماع نسميه (ظروف الانومي) أي ظروف لا معيارية بحيث إن القيم الجديدة لم تعد تتوافق وتتماشى مع الوقت الحاضر خاصة بعد دخول تيارات العولمة وتيارات الديمقراطية التي كانت تؤكد على حرية الفرد والحريات وحقوق الإنسان بشكل غير منضبط، ولاسيما في مجتمعنا، يجب أن تخضع لقدر من الانضباط، كما إن هذه الحرية والديمقراطية إن لم تخضع لضوابط وأهداف مجتمعية ثابتة تؤدي إلى فوضى وانحرافات كثيرة، فمثلا حركات (الايمو والغش السلوكي) كلها حركات أفرزتها تيارات العولمة الحديثة التي دخلت على المجتمع العراقي، أي بمعنى أن المجتمع لم يكن قد تهيأ نفسيا وعقليا لاستقبال هكذا حالات، وحتى المفاهيم الديمقراطية من وجهة نظري أرى بأن المجتمع لم يتهيأ لها بعد أن تهيأت لها ظروف معينة وإفرازات أدت لهذا الانفلات غير المدروس نتيجة السياسات الخاطئة التي انتهجتها الحكومات المتعاقبة. والسؤال هنا هل المجتمع العراقي أو المجتمعات الشرقية قد استقبلت مفاهيم الديمقراطية بصورة واقعية؟. الجواب: نحن لم نتهيأ لاستقبال هكذا مفاهيم سواء كانت مفاهيم الحريات الشخصية أو الفردية أو المجتمعية أو فيما يتعلق بحقوق الإنسان، أي بمعنى أن هناك برامج مخططا لها لجعل هذه الشعوب أو المجتمعات تخضع لتلك المفاهيم الغربية، وما يحدث في العراق جاء نتيجة دراسات كان مخططا لها ضمن إستراتيجيات معدة لهذا الغرض قبل وبعد مجيء الأمريكان للعراق واحتلاله” .
وقد بين الدكتور المراياتي :” أنه فيما يخص المنظومة الدينية فإنه حتى هذه المنظومة تعرضت للاختلال، فنحن يجب أن نميز من ناحية الدين بين مفهوم الدين الاجتماعي والدين الشرعي، فالدين الشرعي هو النصوص التي جاء بها القرآن والسنة، ولا خلاف على ذلك ولا تقبل التأويلات والتفسيرات، لكن هناك من يتعامل من الجمهور الاجتماعي الذي يسمح بالتفسير والتأويل وينحرف بشكل كبير عن موضوع الدين الشرعي، فالمنظومة الدينية تعرضت للاختلال وكان القائمين على الخطاب الديني غير واعين للعملية الدينية بشكل دقيق، فأصبح هناك خلط بين الدين بالمفهوم السماوي والدين بالمفهوم الاجتماعي لأن المنظومة التربوية في الوقت الحالي تعتبر آفة الآفات في مجتمعنا، فنحن لم نعد قادرين على مواكبة القادم من التغييرات أو البرامج المستقبلية، والحقيقة إن العملية التربوية أصابها خلل كبير جداً، وكثيرا ما أقول إن هناك برامج لإفشال العملية التربوية وإفشال المسيرة العراقية وهناك من يقول إن هناك أوراقا تعد لإصلاح التعليم أو التعليم العالي في العراقي، فأجد بأن هناك برامج مقصودة لإفشال المشروع التعليمي في العراق فلو نظرت للمشهد الديني والمشهد التربوي والسياسي وكذلك الاقتصادي والاجتماعي ولو جمعت هذه الاختلالات في صورة واحدة لوجدت بأن هناك أيادي تحاول رسم هذه العوائق لإفشال المشروع التعليمي في العراق”.
ثم اختتم الدكتور المراياتي حديثه بالقول: “أن علم الاجتماع في العراق بعد مرحلة الرواد ، لم ينتج علم الاجتماع إلا نزرا يسيرا من المفكرين ونحن نخرج الكثير من طلبة علم الاجتماع، لكنهم موظفون جامعيون ومجرد أعداد يلقن به لنقل معلومات من الكتاب إلى الطلبة دون أن ينمي القدرة على التفكير وبالتالي، فإن علم الاجتماع في العراق علم شبه خامل لأن أدواته غير فاعلة وغير منتجة، وبالتأكيد فإنها تنتج التخلف الذي بدأ من ثمانينيات القرن المنصرم، لكن هناك استثناءات قليلة ليس لها القدرة على التنظيم بسبب وجود تيارات عارمة من الفساد على كل المستويات، ولكن الحوادث التي مر بها العراق في السنوات العشر الماضية بدأت تعطي شبه وعي وسوف تستفيق وتتصدى لما يحدث من فوضى”…… رحم الله الدكتور المراياتي وجزاه خيرا على ماقدم لوطنه.